نص الاستشارة:
فضيلة الشيخ... أنا سيدة في الأربعين من العمر متزوجة من رجل صالح أحبه ويحبني... في الفترة الأخيرة حدث خلاف عرضي بيني وبينه... تدخل أهله فتدخل أهلي، وجاء والدي فأخذني من بيتي وأقسم على ألا أعود إلى زوجي مهما كلفه الثمن... وأنا لم أكن أظن أن الأمور تتطور بهذا الشكل المدمر... كيف أعود إلى زوجي وأطفالي الذين هم في أشد الحاجة إلي؟
الرد:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإن كثيرا من الناس يأخذ المشكلات الزوجية أو الخلافات الزوجية بطريقة قد تعقد الأمور بشكل كبير وغير محسوب، فكم من مشكلة بسيطة عارضة بين زوجين يكفي لحلها كلمة لطيفة أو هدية بسيطة معبرة لما نقلت إلى الأهل أحدثت انفجارا هائلا وفتقا في العلاقات الأسرية يصعب رتقه.
وكثير من النساء ما زالت الواحدة منهن تأخذ هذه الأمور مأخذ الهزل فتنقل لأمها أو أختها أخبار بيتها فيستشيط الأهل غضبا لأمر قد حل ولم يكن له أثر يذكر.
وبعد التدخل يبدأ أهل الطرف الآخر في التدخل استجابة لعواطفهم فتحدث الملاسنات واللغط والكلام الكثير الذي لا يزيد الأمور إلا تعقيدا، وكان الأولى صيانة البيت الأسري من تدخلات الأهل في غير الأمور الضرورية والكبيرة.
والأصل عدم التدخل إلا لحاجة ملحة أو أمر يعجز الزوجان عن علاجه بمفردهما... {وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها...} فالمتدخلان حكمان والحكم لابد فيه من توافر بعض الصفات التي تحميه من نزعات الأهواء والاستجابة للعواطف، ولابد أن يكون قادرا على إنفاذ الحق حتى ولو كان ذلك على حساب الطرف الذي يمثله... ولابد من إرادة الإصلاح من الطرفين حتى تكون العملية مجدية كل ذلك من باب العام الذي يشترك فيه الجميع، ولا بد من تدوين بعض النقاط المعينة لك على تجاوز هذه المحنة:
عليك بكثرة الدعاء واللجوء إلى الله عز وجل بأن يصلح لك زوجك ويردك إلى بيتك وأولادك ردا جميلا.
من خلال إحدى أخواتك طمئني والدك وأفهميه أنه أخذ الأمر بشكل مبالغ فيه.. وأن بإمكانك أخذ حقوقك وأن زوجك بطبعه طيب السجايا وإن وقع في هذا الخطأ غير المتعمد بالأصل.
حاولي التواصل مع زوجك واتفقي معه على كيفية مناسبة لإعادة المياه إلى مجاريها، وإن كان الأمر يستدعي اعتذارا فمن الجيد أن يعتذر كل منكما لصاحبه ولا تدعي الباب مشرعا لنزغات النفس والهوى والبحث عن كبر مزعوم.
كثير من البيوت تكون مرتعا للشياطين لقلة أو انعدام قراءة القرآن بها... فحاولي مستقبلا أن يكون لك ورد من كتاب الله في بيتك.
يجب أن يفهم الجميع أن الخلافات الزوجية ليست من الأمور التي يمكن أن تشاع بين الأهل، بل يجب ستر صغيرها وكبيرها.. وعدم الاستهانة في شيء من ذلك لما قد ينجم عن الإفشاء من مشكلات قد تستعصي على الحل.
استعيني بوالدتك وأفهميها خطورة التفريق بينك وبين زوجك وما قد تسببه من ضياع للأبناء وأكدي لها أن الخلاف مع زوجك لا يرقي إلى الدرجة التي يتعامل بها الأهل!
تذكري ما قد ينتج عن الخلافات الزوجية من أثر سلبي على نفسيات الأبناء فإن شعورهم بوجود مشكلة بين والديهم قد يجعلهم يعيشون حياة سلبية بالغة الخطورة.
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
المصدر: موقع رسالة المرأة.